مظاهر العصبية القبلية في العصر الجاهلي

الذاكرة والشيخوخة

يمر كل واحد منا منذ ولادته وحتى وفاته بمرحلتين، وبالإمكان أن نقارن المرحلة الأولى بنوع من التفجر. ومنذ اللحظات الأولى للحياة، يحدث تكاثر سريع للخلايا التي تنمو وتنقسم إلى خلايا جديدة وتشكل أنسجة وأعضاء وأجهزة تزداد بالعدد والوزن والحجم خلال زمن تتغير مدته بالنسبة لكل جزء من العضوية. 
لكنها مدة متساوية على نحو ظاهر بالنسبة لعناصر من نفس النوع. وتصبح بعض الأعضاء بالغة ومكتملة النمو في وقت مبكر جداً، بينما تتأخر الأخرى حتى نهاية فترة النمو. وهكذا يكتمل نمو العين، حيث تتيح للطفل مباشرة التعرف على العالم الخارجي منذ بداية الحياة. ففي السنة الأولى يستطيع الطفل ادراك النتوء. 
وفي السنة الثانية والثالثة، يستطيع تمييز الألوان. وتبقى سرعة النمو ثابتة بين السنة الثانية والعاشرة. ويزداد نموه قبل سن البلوغ. ثم تأتي انطلاقة قصوى يتناقض النمو فيها بشكل كبير حتى ينتهي تدريجياً في سن الراشد.
وإن نمو الجسم يتبع بشكل عام نمو القامة وينمو القلب بشكل سريع جدا. ويبلغ الدماغ %۷۰٪ من وزنه النهائي في السنة الثانية.
وإن نهاية نمو الجهاز المحرك، يشير الى نهاية المرحلة الأولى والكبرى للحياة. وتبلغ المرأة سن الرشد بشكل مبكر أكثر من الرجل.

الشيخوخة تبدأ مبكرة

في الحقيقة، قبل تنتهي المرحلة الأولى، تكون المرحلة الثانية من الحياة، مرحلة التلف، قد بدأت بالنسبة لبعض الأعضاء. 

فتظهر آفات صغيرة غير مرئية، لكن يمكن الكشف عنها بفحوصات دقيقة وخاصة. وتتخذ هذه الآفات مكاناً لها، حيث تتمركز في البداية ضمن أعضاء تكون أقل تروية من غيرها. وهذا مادرسته المدرسة الألمانية بشكل خاص. وهكذا عند تشريح الجثة، غالباً، مانتحقق من غضاريف الأشخاص المتوفين بالحوادث منذ خمس عشرة سنة.

وتحدث تشققات صغيرة موازية لمفاصل الوجه أولاً، ثم تشققات رأسية (عمودية)، تهرم معها العين بسرعة، وخاصة الشبكية وعند دراسة هرم الرؤيا الليلي - الذي يتعلق بعصيات الشبكية .نلاحظ أن الحد الادنى للرؤيا يزداد بسرعة مع العمر. 

وبين العاشرة والخامس والعشرين من العمر، يزداد هذا الحد الأدنى الى ٢٥٪ في المتوسط تقريبا.وهذا ما يؤكد بشكل لا يقبل الجدل حدوث التلف.

وليس من الممكن زيادة الفحوص قبل سن العاشرة لأن الأطفال لن يفهموها. ولكن من المؤكد أن العين قد بلغت النضج الكامل، وبدأت  بشكل تدريجي بالتلف من جهة أخرى لأن قدرة التكيف لهذا العضو قد تنخفض بشكل مبكر جداً.

وهكذا، فإن التفجر الذي بدأ بداية وجود العين، يخمد بسرعة.وتتبع التفجر مرحلة طويلة من الحياة بالنسبة للكائنات الحية. حيث كل جزيء، وكل خلية، وكل عضو، وكل جهاز سيخضع لتطور شخصي. بسرعة التلف والتواتر المتغيرين.

ولهذا، يوجد في جسمنا تشوش معقد للغاية لسيرورة النمو والتلف.

فعندما نحاول أن نحدد لدى شخص في العشرين من عمره، حالة كل من وظائف جسمه ، الأساسية؛ نجد أنفسنا أمام نتائج متغايرة جداً. كما سيوجد لدى هذا الشخص عضو مايزال في طور النمو الكلي، وآخر قد وصل الى مرحلة النضج. لكن قد بدأ يظهر عليه حالات في القصور البسيط. وعضو أخر قد بلغ مرحلة من سلسلة الآفات الصغيرة بالنسبة لعضو خاص أو معين.

وإن الأجزاء المختلفة المكونة له لها أيضاً عمر حيوي وحياتي مختلف. فكم هي معقدة كيفية الهرم لكائن إنساني حي.

المصدر : مائة نصيحة ونصيحة لتطوير الذاكرة . د.فيليب يرمطارتنر.ترجمة : هيثم النيحاوي.

© حقوق الطبع والنشر لأصحابها

تعديل المقال